recent
أخبار ساخنة

بطانيتين

 


 بقلم /الاستاذ نشوان ذنون عبد الله. 

أذكر في أوآخر سنة ( ٢٠١٨) أي قبل (٤) سنوات في يوم الجمعة و بعد أن أنهى الإمام خطبته و قبل صلاة الجمعة . قال إخواني هناك جنازتين لرجلين من أهل التوحيد . سنصلي عليهم صلاة واحدة . لتكون الرحمة و الأجر . أعم و أشمل . و عدد الصفوف أتم و أكمل . و الدعاء أجزل و أفضل . ومن أجل أن لا تتبعثر الصفوف لأهل كل جنازة بجنازتهم . وبالفعل بعد صلاة الجمعة أحضروا الجنازتين و وضوعها متوازية بقرب بعضهم . و بدأ الإمام . يذكر المصلين بكيفية إداء صلاة الجنازة . فصلينا عليهم صلاة واحدة .

ليست هذه القصة .

القصة بأن الجنازتين جائت في وقت واحد وفي ظهيرة يوم الجمعة الذي كانت سمائهُ غائمة و ممطرة . الجنازة الأولى كانت لرجل غني ثري مُترف و الثانية لرجل فقير مسكين مُعدم . الجنازة الأولى كانت مغطاة (ببطانية) يقدر ثمنها (بمائة ألف) دينار و جاء محمول بسيارة حمل صغيرة موديل حديث . و الجنازة الثانية كانت مغطاة ( ببطانية) مستهلكة قديمة جداً و جاء محمول بسيارة بيكم مكشوفة قديمة جداً . يا سبحان الله . من هنا و أمامنا بدأت أول منازل المساواة بالموت رغم فرق الثراء و المناصب . لم يفرقهم الموت . بل ساواهم و جمعهم أمام محراب واحد . لم يفرقهم فَضلُ مال . و لا قدر جاه . و لا رفعة منصب . أهالي الجنازتين كانت تخالجهم نفس المشاعر من الحزن و الأسى . حملوا أحبتهم على أكتافهم و ساروا بهم الى مثواهم الأخير . خرجت و أنا أتعثر بخطواتي بين كثرة الجموع الغفيرة . لكن عيوني كانت ثابته تتابع النعشين بهذا الموقف العجيب . و تراودني الف فكرة لكني كنت أجزم بعبرة . (البطانيتين لن تدفن مع أصحابها) . مهما كانت جيدة أم رديئة فستبقى للأحياء يتمتعون بها . وليس للأموات أن يأخذوا معهم أي شيء غير أعمالهم . هنا . الآن . لا فرق بينهم . في أول ليلة لهم . من سيتقدم و من يتأخر . من ستفيده ثروته . و من ستمنعه عشيرته . و من سيقدمه منصبه . هل سيفيده نعيمه الذي كان . أم من كان في فقر و عوز و حاجة في كل أوآن . كلا لن تفيدهم إلا ركيعات الليل و إستغفارات السحر . و منام دافيء في ليلة برد قد هجر . و مشقة صوم في يوم حر . و صدقة مخفية . و سعي لتنفيس كربة مقضية . وجبر خواطر . وفي كل موقف حاضر . و سعي في خير . و دفع بلاء بلا ضير . و إصلاح ذات البين . و بُر الوالدين . و صلة رحم و إكرام جار . و كف لسان و غض أبصار . هنا الكل فقراء فلا بطانية ولا دثار . فلا مال يفيد لترجع . ولا كثرة الأولاد تشفع . ولا جاه المنصب ينفع . ولا عز العشيرة يرفع .

لم يقع في خاطري في هذه الثانية . غير كلام ربي سبحانه و تعالى .

إن أكرمكم عند الله أتقاكم .

نعم سنترك كل شيء و راءنا . البيوت و السيارات و الأرصدة و التجارات و الجاه و المنصب و الأهل و الأولاد .

وكما قال أحد الأعراب و هو يدفن ( إبنه ذر ). 

يا ذر . قد إنصرفنا و تركناك ولو بقينا عندك ما نفعناك .

سيعود المال و الأولاد . ولا نأخذ معنا من دنيانا إلا (صالح العمل) .

فمشقة الطاعة تذهب و يبقى ثوابها .

ولذة المعصية تذهب و يبقى عقابها .  . تم

google-playkhamsatmostaqltradent