recent
أخبار ساخنة

بالحقيقة لبعضنا . كل يوم ليلة عيد

 


بقلم /  الاستاذ نشوان ذنون عبد الله 

عندما كنا أطفالاً صغار . كان همنا الوحيد اللعب و متابعة كل ما هو طاريء و جديد في مدارك حياتنا . و مخيلتنا النهمة و الجائعة لكل ما يشبعها من متعة المغامرة و فن التعلم و جمال الطبيعة و سحر الحياة . فمداركنا ما زالت جديدة و طفولتنا كل أيامها سعيدة . لكل ما يحيط بها . و من باب المعرفة بالشيء و الإطلاع على كل شيء و التعبير بإنبهار التعجب ليد القدرة الإلهية في ما نرى . نصيح . بإسم الله ( ال ااااااااله ) . تلك الكلمة التي كنا نطلقها بدون إرادة منا و بمنتهى العفوية و البراءة . و التي ربما لا نستطيع أن نجيد ( إلقائها ) اليوم و بنفس الطريقة و لو حاولنا ألآف المرات . فربما نكون اليوم قد ملكنا العقل و ربما الحكمة و العلم و لكن قد فقدنا حس المتعة و روح المغامرة و نظرة البراءة و عفوية الموقف التي توصلنا الى صدق المشاهدة .

أذكر عندما دخلنا الى المدرسة الإبتدائية أصبحت سعادتنا اليومية تتكرر عند (وصولنا الى البيت) و رؤية الوالدة الحنونة وهي (منهمكة في إعداد الطعام) بما لذ و طاب . و نحن نتباهى بأنفسنا و نتمثل التعب و الإرهاق من دوامنا الصباحي . وكأننا قد حققنا إنجاز عظيم بذهابنا الى المدرسة و عودتنا منها . أما عندما تأتي عطلة الصيف وقد نجحنا و حققنا هدفنا بخطوة الى الأمام بصف جديد . يا الله يا لسعادة تلك المشاعر بفرحنا بالنجاح و العطلة . و التي كنا نظن أنها لا تنتهي أبداً و بها نحقق كل أحلامنا و أمانينا و بأسمى غايات السعادة من نوم و راحة و لعب و مشاهدة التلفاز و زيارات الى بيوت الأجداد . حتى تنتهي العطلة دون أن نشعر بها . و يبدأ الدوام مرة ثانية في عام دراسي جديد . ونحن نتمثل السعادة بالدوام الذي يخفي بين طياته كآبة مبطنة و صرخة مكبوته و حزن عميق بإنتهاء العطلة و إلتزام جديد بالدوام بإنتظام . ونعود من جديد لنحلم بإنتهاء العام الدراسي و عودة العطلة الصيفية مرة ثانية . ونمني النفس بأن هناك أمل للراحة في عطلة ربيعية في منتصف السنة نواسي أنفسنا بقدومها بسرعة . أما الأعياد و ما أدراك ما الأعياد . عيد الفطر و عيد الأضحى . فسعادة التهيئة لقدوم العيد و شراء مستلزمات العيد من ملابس و أحذية و غيارات و حلويات و كرزات و تنظيف البيت . أسعد من العيد نفسه . و قمة سعادتنا تكتمل (ليلة العيد) و نتمنى أن تستمر ليلة العيد فلا تنتهي أبدا . لأن العيد لا يكاد يبدأ حتى ينتهي بسرعة . و في عصر اليوم الآخير من العيدين . تختنق مشاعرنا بإنتهاء العيد . حتى تكاد نفوسنا أن تدخل في محنة من العزاء و البكاء المكبوت . و نبدأ نؤمل النفس بأحاديث خفية . نهمس بها في صميم مشاعرنا و بواطن قلوبنا . بعيد قادم جديد ننتظره بالأمل و البشرى و الصبر و الأماني البريئة . وتمر بنا السنين تترى لا تنتظر أحد . بين دراسة و عُطل و أعياد و مناسبات نجددها في خفايا قلوبنا . من أجل أن نعيش معها الأمل بإستمرار . حتى نستغرب على حين غفلة من نظرة في ( عين مرآة الزمان )و نحن نتمنى أن تبقى وجوهنا (بنفس النظارة) و قلوبنا (بنفس الطاهرة) . كأحلى أيام عشناها في طفولتنا و فتوتنا لا تخلو من حنان أم و عطف أب . الى أن تباغتنا أيام الكهولة بلا إستإذان . ولا ندرك معها كيف وصلتنا و متى غطتنا كالفيضان . و ما زالت أحاسيسنا مرهفة و مشاعرنا مترفة و نفوسنا تتوق لتذوق حلاوة أيام الطفولة . كأمواج البحر تلاطم بعضها و هي تكافح خشية الغرق و تتشبث بتلابيب هفهفات و ذكريات الماضي البعيد . لتنسكب قطرات لؤلؤية متناثرة من (كلبدون الحياة) بماء الورد و الزهر فتنتعش به نفوسنا و تحيا به أرواحنا . فترسم قبلات على خيالات خدود الأحبة . متأرجحة بين الوهم و الحقيقة . فتطفيء لهيب مشاعرنا المتأججة شوقاً . بذكريات البعد و الحرمان و غربة النفس في هذا الزمان . و ها نحن ما زلنا ندور في ناعور فلك الحياة . لنكمل معها ما تبقى علينا من أقدار . قبل أن نغادر . و ما زالت نفوسنا تتوق للأعياد بلياليها المفرحة . بمهرجانات من السعادة . توازي قوة تعلقنا بالحياة و مدى شغفنا بها . لتكون لنا ( الحج و العمرة و السعي و الطواف) هو البلسم و الشفاء . هو المرهم و الدواء . لكل جراحات الحياة . من تقصير النفس بحق خالقها سبحانه و تعالى . ومن تعويض بإستدراكات نفسية تجمع خيالات الأحباب في حضرة الأنس السرمدية بدعوات نورانية موجاتها أبدية بعد أن فقدناهم . و هكذا نكتشف طريق السعادة بالعبادة . فكل أيامنا سعيدة كليلة العيد في ظل رضا الله سبحانه وتعالى . و تحت ظِل رحمتهِ يوم لا ظل إلا ظله . تم

google-playkhamsatmostaqltradent