recent
أخبار ساخنة

التخلف وآثاره في ظل الصراعات والحروب المستشار / عبد العزيز بدر القطان

الصفحة الرئيسية


 تعا
ني الكثير من شعوب العالم من آفة التخلف بشكلٍ عام والذي لا يمكن حصره بشكل واحد حيث له أوجه عدة، سواء من الناحية الافتصادية أم الاجتماعية أم الفكرية، وغالباً ما يرافقه أنواع أخرى مثل المعاناة والويلات المتعلقة بالظلم والاستبداد والقمع والتهجير والتغيير الديموغرافي.


بحسب تقارير البنك الدولي، إن الفجوة بين البلدان الفقيرة والبلدان الأكثر تقدماً تزيد زيادة كبيرة جداً لتصل إلى حدود تخرج عن منطق الإنسانية، وهي بازدياد بالنظر إلى واقع اليوم المُعاش، وما خلفته الحروب والاقتتال الدائر حول العالم خاصة في العالم العربي كما في سوريا والعراق واليمن وقبلهم جميعاً فلسطين المحتلة وما تعانيه منذ عقود، ليكون التخلف حالة استعمارية وإرهابية ممنهجة تعمل على نشر هذه الظاهرة وما يرافقها من ويلات أخرى رأيناها في تهجير الأيزيديين من العراق ومسيحيي الشرق عموماً والبلاد المنكوبة على وجه الخصوص، إضافة إلى العمليات الإرهابية التي تقتل الأبرياء وتدمر البنى التحتية كما حصل في تفجيري بغداد الأخيرين.


ومن المعروف أن بلاد لديها منتوج وطني خام من خلال الاعتماد على نظام التخطيط الاقتصادي المركزي، فلو كتب لها النجاح لأصبحت قوة على مستوى العالم كالحالة الصينية، وهذا الأمر ينطبق على عشرات الدول العربية فلديهم وفرة في اليد العاملة والذكاء والتخطيط، لكن بمجرد النهوض يبدأ الغرب بتقويض أي نهوض مماثل لأن كل قوة ذاتية هي حجر عثرة في أي مخططات مستقبلية، كما الحال في البلدان المصدرة للنفط، تبيع نفطها باليمين وتستورد السلاح باليد الأخرى، لأجل تهديدات ليست منطقية بل الأمر برمته عملية ابتزاز، ليكون عالمنا اليوم في طريقه نحو مزيد من التخلف والفقر والمديونية من صندوق النقد الدولي وهكذا تُدار لعبة الغرب، كالحالتين العراقية واللبنانية مؤخراً.



لكن لا نستطيع نفي وجود بعض البلدان الكسولة إن صح التعبير، تعاني من التخلف ومحاولات تلافيه خجولة فتقوم بتجميد أوضاعها أو تتطور بوتيرة محدودة منتظرة معجزة تنقذها من وضعها هذا، فمثلاً كان هناك تصور لأزمة (1973 – 1974) في الشرق الأوسط والتي أدت إلى زيادة كبرى في أسعار النفط، أنها سوف تؤدي إلى نوع من إعادة التوازن في الاقتصاد العالمي، واكتساب بعض البلدان الغنية في الشرق الأوسط معركة التحدي ضد التخلف لكن هذا وإن كان قد أدى في بعض البلدان إلى شيء من الحركة من خلال إقامة بعض الصناعات ومشاريع التنمية إلا أن ما تدفق من أموال لم يحقق الغاية المنشودة ولم يؤدِّ إلى إزالة الفوارق، بل كان لهذه الأموال آثار سيئة جداً في بعض البلدان التي زادت مواردها لفترة محدودة فقط، وبالتالي انعدمت الديمقراطية وحقوق الإنسان همّشت وتنامى الفساد والاستبداد وكل بلادنا تفتقر اليوم إلى تخطيط حقيقي ورؤية مستقبلية واضحة، معتمدين على الحلول المعلبة والجاهزة والتي لا يمكن أن تقدم بلا ثمن، فالثمن اليوم التطبيع والتقسيم والتهجير والإرهاب المعنوي وما شابه ذلك.


كل هذه الأمور والظواهر تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي والأمم المتحدة، فعندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني يتحد الغرب كله لحل مشكلته، أما لدى العرب، فيتحد الغرب كله للقضاء عليه وإشعال مشاكله، لقد تنامت المصائب، مثل فساد الأجهزة والأنظمة والسلطات وزادت الديون لكن التخلف بقي متربعاً في القمة، من خلال ازدياد الجوع في العالم، الذي يأكل ليحيا وهذا أول حق من حقوق الإنسان يعملون على حرمانه منه، ويمكن القول إن ثلث سكان الكرة الأرضية يعانون الجوع وهم الأغلى موارداً طبيعية تغنيهم مدى الحياة.


أخيراً، لا يمكن لبلد أن تقضي على التخلف والبطالة والجهل والفقر، إن لم تنهض من كبوتها، وتثق بنفسها أنها الأفضل، أنها الأقوى، شعبها الأحق، الإنسان فيها لها أولوية عليا، تعيد مهجريها من خلال بناء الوطن، وتشجع على العلم، وتمنح الحقوق، لأن لا أوطان بلا شعوب، فالشعوب هي من تبني الأوطان وليس الغرب الذي أخذ حتى الحلم منا

google-playkhamsatmostaqltradent